من هم عرب إسرائيل!!
نورالدين لشهب
Thursday, January 14, 2010
www.hespress.com
" في عصر الجزيرة والانترنيت أصبح المواطن العربي أكثر وعيا "
الأمير مولاي هشام – العدد الأخير من مجلة وجهة نظر
سقوط الصورة الأخيرة من الألبوم
من هم عرب إسرائيل؟ قد يعتقد البعض أن عرب إسرائيل، كما نسمع في الفضائيات العربية، هم من بقي في فلسطين التاريخية بعد احتلالها من قبل العصابات الصهيونية عام 1948، وقد يزايد البعض منا فيذكر لك منهم بعض الأسماء كالمفكر عزمي بشارة والدكتور أحمد الطيبي والشيخ رائد صلاح والشاعر العربي الكبير سميح القاسم...الخ.
لا يا سادة، الجواب خطأ، هؤلاء المثقفون والمفكرون وكلهم مناضلون ليسوا عرب إسرائيل، هم أهل فلسطين التاريخية، هؤلاء يقاومون بالفكر والثقافة وقول الحقيقة في وجه العصابات الصهيونية ولا يخافون لومة لائم، فالشاعر سميح القاسم لما كانت صواريخ رجال الله في جنوب لبنان تسقط على حيفا صرح للإعلام أنه أول مرة يحس بالفخر، ويشعر أنه ينتمي إلى أمة حية أريد لها حكامها قبل أعداؤها أن تموت، وأضاف بأنه يسمع قصائد شعرية رائعة هذه الأيام يخطها رجال المقاومة...أما الشيخ رائد صلاح حفظه الله وهو أسد القدس هو وحركته وما تبقى من العرب في فلسطين، فلا زالوا مرابطين على أكناف بيت المقدس ينظمون كل ليلة جمعة رحلات للقدس لحمايتها من التهويد، ويتحركون في كل أنحاء العالم العربي والإسلامي لاستصراخ الضمائر الحية مما يحاك لأولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى سيدنا رسول الله عليه أفضل الصلوات والسلام ومهد سيدنا المسيح عليه السلام، ولما زار المغرب السنة الماضية أوقفوه في المطار و"بهدلوه" وكأنه إرهابي خطير في حين أن الإرهابية الحقيقية " ليفني" قاتلة الأطفال والشيوخ والنساء في غزة هاشم استقبلوها بالأحضان، أما عزمي بشارة فهو أحد أساطين المقاومة الفكرية والسياسية والخيط الرابط بين ما يلزم ولا يلزم في كيفية وطريقة الصمود، فوقف إبان انتفاضة الأقصى وحرب تموز عام 2006 منظرا لطبيعة الصراع وحقيقته مع هذا العدو، فاضحا أشواق وأماني لما يسمى بدول الاعتدال العربي أو قل الاعتلال العربي، فما كان للعدو الصهيوني إلا أن دبر له مؤامرة للخروج من فلسطين التاريخية، ولا زال على يومنا هذا على العهد فما بدل تبديلا.
لقد اشتهر سميح القاسم كونه شاعرا، وكل الناس يحفظون له قصيدة منتصب القامة أمشي التي غناها مارسيل خليفة، ولكن قليل من يعرف أن سميح القاسم هو أيضا روائي، لقد صدرت له روايتين فيما أعلم، إحداها عنونها بـ " الصورة الأخيرة من الألبوم" والرواية تحكي عن أحد الجنرالات الصهاينة يتوفر على ألبوم من الصور، ليس صوره الشخصية وعائلته وأصحابه ..كما يظن البعض، ولكن صور لمناضلين ومقاومين فلسطينيين مطلوب تصفيتهم، فكلما تم اغتيال أحدهم أزال صورته من الألبوم، فما بقيت إلا صورة واحدة في الألبوم لمقاوم تعرف على بنت الجنرال وحكى لها حقيقة الصراع مع الاحتلال، وتعاطفت معه إلى درجة أن نما بينهما حب متبادل قائم على ما هو إنساني، ولما وجدت بنت الجنرال وهي طالبة جامعية صورة حبيبها الفلسطيني في ألبوم أبيها الجنرال الصهيوني، طلبت من أبيها وترجته ألا يقتل حبيبها، ولكن دون جدوى... لقد قتل أبوها حبيبها !!
أراد الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم أن يقول لنا بأنه لا يمكن أن تبنى روابط ووشائج بين هذا الاحتلال البغيض الذي لا يعترف بما هو أجمل في هذا الإنسان وهو الحب. فلا داعي للحوار بالتي هي أحسن مع هذا العدو الذي لا يعترف إلا بالقوة. لذلك فلما سمع الشاعر سميح القاسم عن طريق الإعلام أن أحد المطبعين المصريين وهو علي سالم الذي ادعى أنه دخل فلسطين التاريخية للقاء صديقه سميح القاسم، استنكر فعلته هذه ورفض لقاءه، كما رفضه الشعب المصري العظيم الذي هو بحاجة إلى زعيم عظيم مثله.
إذن من هم عرب إسرائيل يا ترى؟؟
عرب إسرائيل هم حكامنا طبعا. ألم تعلن ليفني الحرب على غزة من القاهرة؟ ألم تكن كل الدول العربية شريكة في العدوان على غزة بسكوتها، بل وتواطئها ولم تنبس ولو ببنت شفة مثل ببيانات الاستنكار والشجب وذلك أضعف الايمان؟ ألم يرفضوا الاجتماع في قمة عربية طارئة للحديث عن العدوان؟ من يبني الجدار الفولاذي الآن لقطع شريان الحياة عن غزة؟ من أصدر الفتاوى من أكبر المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي /الأزهر حول مشروعية جدار العار لقتل أكثر من مليون ونصف عربي ومسلم؟ من يحرك هذي الأيام الإعلام القومي المصري للنيل من الفلسطينيين وهم الحلقة الأضعف يعانون الجوع والحصار ولا مغيث؟ ؟؟
لقد سقطت الصورة الأخيرة من الألبوم، ألبوم النظام العربي الرسمي، صورة هي خليط من لونين هما الديكتاتورية العربية المتكلسة والجامدة والاحتلال الصهيوني الغاشم، وهما ممتزجان ومتشابكان، لأنه لم يكن متاحا لإسرائيل أن تعربد طوال ما يزيد عن أربعين عاما في المناطق الفلسطينية المحتلة لولا جمود النظام العربي الرسمي وتعفنه !!
لقد سقطت الصورة الأخيرة من الألبوم، ولم يتبق من خيار سوى ما يسمى كذبا بمسلسل السلام، وأن السلام خيار استراتيجي كما يقول بعض "الزعماء" العرب وهو كاذبون طبعا، ويتناسى هؤلاء أن من يسعى إلى السلام يجب أن يكون قادرا على الحرب، أي أن إقناع إسرائيل بسلام حقيقي يجب أن يكون تحت ضغط حقيقي، وقدرة العرب على التلويح بالحرب. أما إذا كان هذا الخيار(=الحرب) غير وارد وأن النفط فقد قيمته كسلاح بعد احتلال العراق بشكل مباشر وأن الدول الخليجية أصبحت محميات أمريكية، فإن إسرائيل لن تلتفت إلى هذا الكلام الشاعري.
إن النظام العربي الرسمي بأسره على حافة الانهيار، ولا شيء يحميه إلا العودة إلى الشعوب للتصالح معها وكسب المشروعية الحقيقية... فإسرائيل مثل جهنم دائما تقول : " هل من مزيد" ...والمزيد بالنسبة للنظام العربي الرسمي هو مزيدا من الديكتاتورية والتسلط والتجويع والتجهيل لتسهيل التطبيع ...هذي هي الصورة الأخيرة من الألبوم!!
والسؤال الأكثر خطورة، هنا والآن، هو : كم تكون تكلفة ما تبقى من هذي الصورة الأخيرة في الألبوم العربي الرسمي ؟!!
n.lechhab@gmail.com
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire