الطوارق: الأراضي الغنية والشتات الفقير
تعتبر مناطق الطوارق الموزعة بين البلدان الاستعمارية (مالي،نيجر،الجزائر، وليبيا) من اغنى الاماكن فى القارة الافريقية إطلاقا بالثروات الطبيعية كالنفط والغاز ومادة اليورانيوم بالأضافة الى المخزون السياحى الذي تزخر به اقاليمهم التى اعتبرتها منظمة اليونسكو اكبر متحف طبيعى فى العالم بالرغم من ذلك فالطوارق يعدون من افقر ألأثنيات والاقليات التى تعيش فى تلك الدول. حيث اجتمع عليهم فيها الجفاف وظلم الحكومات التى نهشتم وسلبت اراضيهم وجعلت منهم أقليات ومجرد اشباح شاردة وفزعات ممزقة تجوب وتحوم فيما يشبه دوائر مغلقة بين حدود تلك الدول مما فقد الطوارق عنصر التواصل والحنين الى قضاياهم المصيرية الواحدة التى كانت قائمة ايام السلطنات السبعة (أزقر،سلطنة الهقار، سلطنة إولليمدن، سلطنة تقريقريت، سلطنة أييار، سلطنة تمزقدا، وسلطنة كيل أقرس)والتي كانت على شكل فدراليات منتظمة فى إيطار الدولة، دولة (الصحراء الكبرى) التى أقترحها الجنرال ديجول على قيادات الطوارق بمبادرة رسمية منه فى باريس، حيث اكد عن نية فرنسا الصادقة باعطاء الصحراء الكبرى استقلالها قبل اى دولة افريقية نظرا لفشل فرنسا فى فرض سيطرتها على الصحراء الكبرى وبمجرد ان يعلنوا الطوارق عن رغبتهم فى ذلك بضمان وتحت الحماية الفرنسية . ولكن حسن نية الطوارق الطيبة الطفولية المبالغ فيها والتى يراها المحللون والمهتمون بشئونهم احيانا سببا رائسيا فى الكثير من معناتهم ومأساتهم حتى فى عصرنا الحاضر حالت دون ذلك.! حيث كانوا يعتقدون ان استقلالهم لا ريب فيه حال تم طرد الاستعمار برمته فى شمال افريقيا وكانوا يرون فى حال يحصلون هم عن الاستقلال قبل الساحل الجزائرى سوف يكون ذلك ضربة قاضية للثورة الجزائرية كما أوهمتهم قيادت الثورة الجزائرية التي راح ضحيتها ما يقارب 450 الف من أبناء الطوارق تلك الافكار وغيرها دفعتهم الى رفض المبادرة الفرنسية والعودة قبل موعد نهاية الزيارة المحددة وما إن خرج المستعمر الفرنسى حتى انقلبت عليهم الجزائر كالثور الهائج!! حيث وجد الطوارق انفسهم فى مستعمر اخر ابشع واقبح من ذى كان! حيث تكالبت عليهم الجزائر ،مالى، النيجر، ليبيا والمغرب وجعلت منهم مسرحا تراجيدي باخراج جزائري، وضربت أمالهم وطموحاتهم فى خضم النسيان ومن يرى واقع الطوارق الاجتماعى والاقتصادى اليوم لا شك ان شدقاه ستملأ دموعا نظرا للموارد التى ينامون عليها والفقر المدقع الذى ينهش عظامهم ولعل الارقام التالية تجعلك فاغر الفم ورهين الدهشة.!!
ليبيا (سلطنة أزقر)
لدينا بقرة ترعى فى أوباري وتنحلب في الزاوية
تعتبر ليبيا واحدة من اغنى دول العالم حيث يصل إنتاجها اليومى من النفط إلى 1.5مليون برميل كما تتوقع زيادة انتاجها ليصل الى ثلاثة ملايين برميل يوميا بحلول 2010 بالأضافة الى العائدات السياحية التي تصل الى حوالى اربعة مليارات ونصف مليار دولار سنويا. 70 % من الانتاج النفطي قادم من مناطق الطوارق وتحت اقدامهم الحفاة. %80 من العائدات السياحية ايضا قادم من سلطنة ازقر. وبرغم من هذا الانتاج الضخم الوفير فاءن الطوارق ومناطقهم ظلا الافقر والاكثر إفتقارا للبنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمة ولك الحق ألا تصدق ما يقال حتى تقف بنفسك على واقع ما يقال! ففى منطقة أوبارى العريقة النائية حيث اكبر تكتل سكاني لأبناء الطوارق واكبر مصدر سياحي ونفطي لليبيا حيث اطلال جرمة وحقول حقل الفيل الذى تشق انابيبه الضخمة عروق الصحراء ما يقارب 1200 كيلومتر متجهة صوب الشمال نحو مصفاة الزاوية ومليتة مواصلا رحلته المباركة عائما تحت مياه البحر الابيض ثم الى الاسواق الدول الاووبية عائدا ببلايين المليارات على اهل الشمال، دون اشراك اصحاب الحق الحقيقيين فى تلك الصفقات المربحة مما دفع احدهم فى احدى المؤتمرات بأن يتجرأ ويخاطر بحياته قائلا:(" لدينا بقرة ترعى فى أوباري وتنحلب في الزاوية") ولكن للأسف الشديد الرجل أختفى كما أختفت أنابيب حقل الفيل في وسط صحرائه الشاسعة الى يومنا هذا!!
الجزائر( سلطنة الهقار)
الطوارق; مجرد فزعات ونقوش تقوم بحراسة تلك الثروات ليس إلا!!
كل ثمانية من عشرة من الطوارق اليوم يدركون جيدا سياسة الجزائر المعادية لهم، والتى لم يسلم منها طوارق الجزائر فحسب بل قفذت سياتها تلك حدود حدودها المعلمة بقلم الرصاص كما يقول الطوارق انفسهم. حيث شكلت محور شر مع جاراتها مالي ونيجر العدوتين اللدودتين للطوارق منذو الوهلة الاولى للخروج المستعمر الفرنسى وحتى يومنا. كما لعبت الجائرة الجزائر دور الحرباء لاحتواء وإخماد نيران ثورات الطوارق المتعاقبة والتى تثور بين الفينة والاخرى،وضحت بمالها وبنينها فى سبيل إفشال أي تحرك يمكن أن يؤدي الى إنجاح تلك الحركات. ودور الجزائر فى تلك الاتجاه لا يحتاج الى براهين أو ادلة فالجميع يتذكر ماقام به بن بلة ضد قيادات ثورة كيدال عام 1963 حين سلم المناضل زيد اق الطاهير ومن معه هدية لدكتاتور موديبو كيتا كما فعل الملك الحسن الثانى نفس الشئى إسوة به بالمناضل محمد على. ومن المعروف ان بن بلة هو الشخصية الاكثر تشربا لأفكار جمال عبد الناصر المعروف بكرهه وحقده الشديد لسكان شمال أفريقيا الأصليين (الامازيغ) وهو احد مؤسسي المدرسة الناصرية التى أسسها جمال عبد الناصر والعقيد معمر القذافي المعادية للسامية والتي يرأسها حاليا ومقرها طرابلس حيث بنى له قصر خاص يضاهي قصر تاج محل فى وسط العاصمة طرابلس تمجيدا وعرفانا له لدوره الفعال فى تعريب الجزائر وقمع الطوارق . ولا يمكن لابناء وبنات الطوارق ان ينسوا ما قامت به جنرالات الجزائر من تعذيب وتهجير ضد الطوارق فى سنوات القحط والجفاف. كما أن ثوار الطوارق اليوم يدركون جيدا ان حربهم الحقيقة ليست فقط مع مالى والنيجر فحسب بل انهم ايضا يخضون حربا خفية أخرى مع دول الجوار كالجزائر وليبيا اللتين تلعبان دور الحمل الوديع فى شئونهم وثوراتهم كلما فاض الكأس بما حمل. والغريب فى الامر ان سياسة الجزائر بالتحديد فى تلك الاتجاه لا تتغير ولا تتبدل وفي لوحها المحفوظ حيث رأيت أثناء زيارتي لأطلالا الهقار بقرة عينى فى شهر نوفمبر 2009 عشرات من الشاحنات المليئة بتلك الشحنات البشرية بالافارقة وبنين وبنات الطوارق يساقون كالماشية على غرار ايام السبعينات والثمانينات متجة نحو الحدود المنحوسة تين ظواتين، حيث رأيت من بين تلك الشحنات الأخت الحسناء"الليسة".!!
السؤال الذي طرح نفسه والذى يتعين على الطوارق ان يجيبوا عليه قبل غيرهم هو اذا كانت الجزائر وليبيا تحمل هموم طوارق مالى والنيجر كما تحاولا أن تضلل به الطوارق والرأي العالمي العام !! ما سر الأسلحة والمعدات والآليات العسكرية التي وجدها ثوار الطوارق من بين صفوف الأسرى الماليين والنجيريين!!؟ وكيف تفسر الجزائر وليبيا للطوارق قلقهما المتواصل و دعمهما السري لتلك الحكومات العنصرية الجائرة التي استباحت دمهم وكرامتهم !؟ ثم اذا كانت الجزائر بالخصوص قلقة بشأن طوارق اييار وازواد لماذا لم تهتم وتحسن حال مأساة ومعناة طوارقها؟؟ أليس 80% من ثروات الجزائر قادم من الجنوب الجزائري ومن مناطق الطوارق؟! أليست الجزائر ثانى اغنى دول افريقيا بعد جنوب أفريقيا كما تشير هيئة منظمة الأمم المتحدة فى تقريرها السنوي!! ألم تصل عائدات النفط الجزائري بحوالى 40 مليار دولار خلال العام 2009 كما اكد شكيب خليل وزير الطاقة والموارد؟ هذا بغض النظر عن العائدات السياحية والتى تصل الى 6.5 مليارات دولار سنويا!!؟ أليست تمنغست وجانت الورقة الرابحة التى تلعب بها الجزائر فى النادي العالمي الاقتصادي!!؟ وبالرغم من هذا الانتاج الهائل الضخم الذي تجود به مناطق الطوارق المسلوبة والمسروقة من قبل جنرالات الجزائر من الجنوب الى الشمال ومن تحت اقدامهم الحفاة. فالطوارق اقل حظا وقسما في البنية التحتية والخدمات الصحية والتعليم مما دفع الكثير منهم الى اللجوء الى الاعمال الشاقة والمحظورة احيانا في الوقت الذي ينعم فيه اهل الشمال بالرخاء والازدهار على حساب اصحاب الحق الحقيقيين.وما يثير الدهشة أن جل الجزائريين سواء من المواطنين أو من الجنرالات الحاكمة يعتبرون الطوارق مجرد فزعات ونقوش تقوم بحراسة تلك الثروات ليس إلا!!
الخيارات المستقبلية أمام ليبيا والجزائر
نحن نقول بلغة واضحة وسلسلة لكل من ليبيا والجزائر أن الطوارق لا يمكن أن ينتموا أو يلصقوا الى جسد غريب عرقيا ودينيا عنوة ونعني بذلك الجسد جسد مالي والنيجر الزنجي. ونحن إذ نعي وندرك مدى العلاقة التاريخية والنضالية المريرة التى تربطنا ب يعقوب وأبنائه ;(الجزائر وليبيا) ومدى إمكانية تطوير تلك العلاقة الى مستقبل افضل وواعد وطي صفحة الماضي المريرة والمؤلمة في تاريخ شعبنا بشرط أن تتخلى كلا من ليبيا والجزائر عن دعمهما ومماطلتهما المستمرة لكل من العدوتين اللدودتين وأن تقفا مشاريعهما التعريبة التى تحاول طمس وتزوير الهوية الحقيقية للطوارق الامازيغ وأستخدام الدين الاسلامى (البرئى) فى خدمة اغراضهم تلك. إذ أننا أننا نضع فرصة ذهبية أخيرة. حيث بأمكان كلا من ليبيا والجزائر أن تتسع اراضيهما لتشمل ازواد واييار وأن يشهدا الامن والاستقرار وأن يعيشا في امن وسلام بالشروط السالفة الذكر.وإن لم يفعلا ذللك في أقرب فرصة ممكنة فاءن حدودهما المرسومة بقلم رصاص سيتم محيها وإعادة تعليمها من جديد.أعذر من انذر!!!
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire