هل من غيرة على السيادة والوحدة؟
سالم زواوي
لم يعد التدخل الغربي في منطقة الساحل الإفريقي مجرد مشروع للتدخل، بل إن الأمر قد تقرر وأصبح في طور البحث عن السبل والوسائل الكفيلة بتحقيقه في القريب العاجل، فالحرب قد أصبحت حقيقة ووشيكة وتكاد تعلن عن اسمها، وما بقي فقط هو إقرار هل ستكون حربا مباشرة عبر التدخل الدولي أم ستكون بالوكالة تخوضها دول المنطقة ضد نفسها بدلا عن الأوربيين والغربيين؟
• والظاهر أن الأمور تسير إلى خيار التدخل المباشر، لأن الدول الغربية، أمريكا وفرنسا بالأساس، أصبحت تدرك أن الحرب بالوكالة قد تتحول إلى حروب أشبه بتلك التي وقعت خلال تسعينيات القرن الماضي في منطقة البحيرات الإفريقية العظمى، وفي الحالتين، فإن المنطقة بإجماع أغلب الملاحظين على وشك التحول إلى نفس الوضع السائد حاليا في جنوب السودان وإقليم دارفور غير البعيد عن منطقة الساحل، لأن الهدف واحد، وهو الاستيلاء المباشر على مكامن الثروات الطبيعية من نفط ويورانيوم وغيرهما في المنطقتين، تماما كما كان الأمر بالنسبة للعراق.
• ولكن لتحقيق هذا الهدف، فإن وجود مائة نفر من عناصر القاعدة، بتقدير المصادر الغربية ذاتها، في منطقة الساحل لا يكفي وحده لخلق مبررات شن هذه الحرب، لذلك وجب اللعب على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والقبلي والعرقي للمنطقة، ولا يستبعد أن تعود فرنسا في ذلك إلى إحياء مشروعها التقسيمي القديم في إقامة دولة للتوارق على كامل منطقة الصحراء الكبرى، يساعدها في ذلك الوضع أو الدور الريادي الذي يبدو أن أمريكا أصبحت تخصها به في المنطقة، بحكم معرفتها بخباياها وتأثيرها السياسي الكبير فيها، باعتبار كل دولها تتشكل من مستعمراتها السابقة، وباعتبار أن جل الرهائن المختطفين هم من مواطنيها، وبتحكمها في توجيه قادتها الذين تضعهم على رأس السلطة ومقاليد الحكم، وهذه هي الحال بالنسبة لمالي وموريتانيا والنيجر بالتحديد، وهي بلدان محورية في ماهو مطروح من قضاها وتحديات على المنطقة والتي تتصرف وفق الخطط والسياسات التي تمليها فرنسا، حتى أن الرئيس المالي ذهب إلى القول مؤخرا إن بلده غير مسؤول عن الوضع القائم في المنطقة وغير معني به على الإطلاق، مايعني أنه يترك حرية التصرف لفرنسا في بلده في كل ما يتعلق بالقضايا الحساسة المطروحة، كما كان أحد كبار المسؤولين الموريتانيين قد صرح قبل ذلك أن بلاده تتصرف بدعم من فرنسا على أساس أن الأمر يتعلق بمطاردة اللصوص والمهربين، وأن الإرهاب، كما قال، هز قضية جزائرية لأنه نتاج الحرب الأهلية الجزائرية .
• هذه البلدان الثلاثة بالذات دون غيرها هي التي فرضت فرنسا على الاتحاد الأوربي تخصيصها بالدعم المادي من أجل دفع التنمية الداخلية وتكوين قواتها الأمنية على مكافحة الإرهاب ومراقبة الحدود، وبموجب ذلك أصبحت رئيسة الدبلوماسية الأوربية مكلفة رسميا برسم استراتيجية الدعم الأوروبي لهذ الدول، استراتيجية تقصي الجزائر تماما من اللعبة ولا تتحدث عنها حتى مجرد الحديث سواء كبلد مستفيد من هذا الدعم أم كمشارك فيه، فيما تجري المحاولات لاستدراجها إلى فخ تجاوز حدودها في ملاحقة عناصر القاعدة لخلق أسباب أكثر لعملية التدويل الجارية. ولكن بعد أن انكشفت كل المخططات والنوايا وإذا بقيت من غيرة على السيادة الوطنية والوحدة الترابية، فما بقي إلا الدفاع عنها من داخل حدودنا .
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire