الوضع الأمني............ ومطالب التنمية في مالي
أقدم إلى المهتمين بهذا الملف عن الوضع الأمني في منطقة الصحراء عامة وشمال مالي بصفة خاصة، ومطالب التنمية التي وعدت بها العديد من دول الجوار، وخاصة الدول التي نظرا لكونها لعبت دورا كبيرا في التوسط بين مسلحي الطوارق في كل من مالي والنيجر. مثل ليبيا و الجزائر، وحسب تجربتي الشخصية فإن ما ينطبق على مالي ينطبق على النيجر، الثورات تنطلق من مالي ونتنقل عدوتها إلى النيجر بطريقة تدل على ان المجموعتين تعيشان نفس الظروف.
والمذكرة تتكون من :
أ-
الوضع الأمني في الصحراء ( اللاعبين ...الأسباب )
ب-
طرق المعالجة (التنمية ... سبيل الإستقرار والأمن )
أ- الوضع الأمني في الصحراء شمال مالي بالذات :
يمكن وصف الوضع الأمني في شمال مالي وبدون مبالغة انه وضع هش.. بكل المقاييس الأمر الذي يهدد المنطقة برمتها. وذلك لأسباب منها :
1- ضعف البرامج الموضوعة من قبل الحكومة لتقوية هذا الجانب، فالحكومة على الرغم من المناشدات الكثيرة التي تلقتها من كافة الأطياف السياسية لولايات الشمال في هذه السنة لنجدتها من المجاعة والجفاف الذي قضى على اكبر عدد من الحيوانات التي تعتبر مصدر المعيشة الأول في الإقليم، رغم هذه المناشدات لم تتخذ حكومة مالي إجراءات تتناسب مع هول الكارثة.
2-
النتائج السلبية للأعمال السابقة التي قامت بها حكومة مالي أثناء الحرب مع مجموعة إبراهيم وغيره من المقتلين الطوارق ، حيث لجأت الحكومة إلى تجنيد الميلشيات من القبائل الغير مشاركة في الحركة الأخيرة في شمال مالي . مما يهدد السلام الاجتماعي . وهذا الأمر يعطي فكرة جيدة حول ما تريده الحكومة للطوارق في الشمال. هذه الميلشيات في الفترة لأخيرة تقوم بأعمال خطيرة جدا متمثلة في تفتيش البيوت في البادية والإساءة إلى البدو العزل متسلحين بقوة وسلطة الحكومة في عملية تهدد بنشوب حرب أهلية في الإقليم إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه.
3-
التلكؤ الواضح من قبل حكومة مالي في تطبيق اتفاق الجزائر الذي لم يبقى منه سوى الاسم، فالوحدات الخاصة المنصوص عليها في الاتفاق تكون رابحة جدا إذا حافظت على سلامة عناصرها الشخصية. وكل السلطة في الشمال لمجموعة الميلشيات ومن يسير في دربها.
4-
كل الأسباب لتي تدعو الطوارق من فترة لأخرى لحمل السلاح في شمال مالي والنيجر مازال مستمرة إن لم تقول أنها ازدادت في الفترة الأخيرة ففي النيجر على سبيل المثال يكفي في احترام الحكومة للإتفاق الموقع بوساطة الجماهيرية اللا يتم اعتقال الشخص وخاصة المسئولين السابقين للحركات المتمردة في النيجر ، ناهيك عن تنمية او اهتمام بمعانات الطوارق . والأمر مشابه لما عليه مالي، مع بعض الاستثناءات البسيطة.
5-
اعتماد حكومات المنطقة على سياسة الامر الواقع... أي الاعتماد على التفوق المادي والقوة العسكرية في حل الامور، بدل الاعتماد على الحوار والوصول الى حلول مرضية للجميع. الأمر الذي يهدد الاستقرار في الاقليم برمته.
6-
الضغوط الكبيرة على الشباب العاطلين عن العمل والخارجين حديثا من حروب ، وخاصة المجموعات التي سلمت سلاحها للجماهيرية كوسيط في عملية السلام . والتي وعدت الجماهيرية في المساهمة في اعادتها إلى الحياة الطبيعية ، والمساهمة في التنمية في الاقليم عامة. وعلى الرغم من مرور قرابة سنتين لم يتحرك شيء من هذه الوعود على ساحة الواقع.
7-
استفحال حالة عناصر القاعدة في شمال مالي ، وخاصة بعد ان تحصنوا في جبل " تيغرغار" الذي يعتبر من أهم النقاط الاستراتيجية في الصحراء الوسطى ، نظرا لمناعته وتوفر المياه فيه طيلة ايام السنة. وهذه المجموعة تمتلك إمكانيات مادية تمكنها من الدعاية الجيدة لمنهجها.
8-
التواطؤ الواضح بين الرئيس المالي الحالي والقاعدة عن طريق الوسطاء من عرب مالي الذين اختار منهم الرئيس المجموعات لتعامل معه في تبادل المصالح بينه والقاعدة وخاصة المبالغ الكبيرة في فدية الأوروبيين.
9-
تحول المنطقة إلى بؤرة عالمية للتجسس من كل الأطراف الدولية، واخر شخص معلن انه ضابط في الاستخبارات الفرنسية هو " بيركامات" الفرنسي الذي بادلته القاعدة مع أربعة من عناصرها لدى حكومة مالي. وكان هذا الشخص قبل كشف هويته يوزع الحلوى –على سبيل المثال- في ضواحي منكا في شمال مالي، ويتحرك لوحده، أملا في التمويه الذي أدى به إلى التعرض للاختطاف لمدة 3اشهر في القاعدة. وأمثاله كثر في الصحراء حاليا.
10-
السياسة الجديدة التي تحاول منظمة تجارة المخدرات العالمية انتهاجها بعد سعي الحكومات إلى مضاعفة الإجراءات الحدودية لتضييق عليها ، والإجراء الذي تسرب انه سوف تتخذه المنظمة هو زيادة قوة الحماية المرافقة للقوافل المتجهة شمالا. والعناصر موجودين وهم شباب الطوارق العاطلين عن العمل والذين لا يجدون سبيل اخر لكسب لقمتهم.
11-
ومن الأسباب الخطيرة والتي تتأثر بها المنطقة وبشدة تأزم علاقات مالي مع الجزائر
الثنائية ، والجذور التاريخية لتدهور العلاقات بدأت منذ سنة 2003ف عندما قامت مالي بدور الوسيط في إطلاق سراح الرهائن الألمان في صحراء شمال مالي، ومنذ تلك الفترة والجزائر تتهم مالي بإجراء نوع من الاتفاق مع من يطلقون على أنفسهم ( القاعدة في المغرب الإسلامي) على سحاب الأمن الجزائري والعلاقات الثنائية المميزة بين البلدين كما تقول الجزائر. أضف إلى ذلك قيام ضباط من الجيش المالي ببيع الأسلحة لهذه المجموعات بمعرفة الحكومة وبالتنسيق مع ضباط الأمن العسكري.. اضف إلى ذلك إطلاق مالي للإرهابيين :لقد طلبت الحكومة الجزائرية من مالي تسليمهم لها في الفترة الأولى التي تم القبض عليهم فيها، ورفضت حكومة مالي ذلك على الرغم من وجود اتفاق بين البلدين بخصوص تبادل المجرمين ، وكذلك طلبت الجزائر من مالي تمكينها من المشاركة في التحقيق،ورفضت حكومة مالي حتى هذا المطلب.
هناك تتمة ...
احمد الشريف